القضاء في خدمة المواطن

aed77ac896ce6f27c89ecf49a0db872f8b4bf76c--015

نظمت رئاسة النيابة العامة ، يومه الأربعاء فاتح يونيو 2022 بفندق صومعة حسان، لقاء تقييميا حول تتبع تنفيذ البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف المنبثق عن إعلان مراكش 2020.

استهل السيد الوزير تدخله، مذكرا بإعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء، وبإلتزامات الدولة تنفيذ التزاماتها الوطنية والدولية في مجال حماية حقوق النساء، بصفة عامة، والنساء ضحايا العنف.
وحرص على تأكيد انبثاق هذه السياسات طبقا للتوجيهات الملكية السامية، الرامية إلى بلورة إصلاح عميق وشامل لمنظومة العدالة، من أجل ضمان حماية الحقوق والحريات، وتسهيل الولوج إلى العدالة، وتكريس احترام قيم العدل والإنصاف والمساواة وتعزيز الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف، من خلال نهج سياسة جنائية حمائية تستحضر مقاربة النوع الاجتماعي.
وأعتبر السيد الوزير ان تنظيم لقاء من هذا الحجم، يشكل فرصة للنقاش البناء بين المشاركين، وتبادل الرؤى والمعارف والخبرات، من خلال الوقوف على التجارب الحسنة والممارسات الفضلى، والتوافق على الحلول الأنجع للصعوبات والإكراهات المرصودة في مجال التكفل بالنساء ضحايا العنف.

وذكر، بهذا الخصوص، أن وزارة العدل، وإن انضمت مؤخرا إلى إعلان مراكش عبر التوقيع يوم 24 فبراير 2022 على اتفاقية إطار للشراكة والتعاون مع كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة تتمحور حول التزامين أساسيين: محاربة العنف ضد النساء والوقاية من زواج القاصر، وهما مجالين وضعتهما وزارة العدل ضمن أولويات عملها، فالمقاربة التي تعتمدها لمناهضة العنف ضد النساء، هي مقاربة شمولية تنبني على المداخل الأربع المتعارف عليها دوليا والممتثلة في
LES 4 P : Prévention, Protection, Prise en charge et Poursuite des auteurs de violences
أي الوقاية، الحماية، التكفل وزجر مرتكبي العنف.
ومن هذا المنطلق أكد السيد الوزير أن وزارة العدل التي تعتبر موضوع الحماية الجنائية للمرأة من القضايا ذات الأولوية في السياسية الجنائية، على مراجعة هذه السياسة وإعادة النظر في المبادئ التي تؤطرها، من خلال وضع آليات قانونية كفيلة بزجر كل أنواع الإساءة التي يمكن أن تقع المرأة ضحية لها، سواء في إطار المراجعة الشاملة لسياسية التجريم والعقاب أو من خلال قوانين خاصة كالقانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، والقانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، بهدف توفير الحماية القانونية للمرأة، وضمان كرامتها، ومنع أي تمييز لها عن الرجل وفق مقاربة تروم تعزيز المساواة بين الجنسين أمام قوانين التجريم والعقاب، وكذا تكريس الحماية للمرأة الضحية في وضعيات خاصة كوضعية الحمل أو في مواجهة الزوج أو تعرضها للتمييز بسبب جنسها.
وبناء عليه، وفي إطار تنزيل مقتضيات القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، عملت وزارة العدل على إحداث خلية مركزية للتكفل بالنساء ضحايا العنف إضافة إلى تمثيليتها على مستوى اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، والخلايا المتواجدة بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف التي تتولى مهام الاستقبال والاستماع والدعم والتوجيه والمرافقة.
حضرات السيدات والسادة
باعتبار الولوج إلى العدالة من الحقوق الأساسية للمواطنات والمواطنين، ومن أجل تسهيل ولوج المرأة لممارسة حقها في التقاضي، وتدعيما للبعد الحمائي الذي خص به التشريع المغربي الفئات الخاصة، قمنا بتأهيل خدمة المساعدة الاجتماعية لكي تلعب دورا أساسيا في تعزيز وتيسير ولوج المرأة للعدالة، وجعل خدمات منظومة العدالة في خدمة قضايا المرأة. وفي هذا الصدد قمنا على مستوى مشروع القانون رقم 15. 38 المتعلق بالتنظيم القضائي، والذي نحن في المراحل الأخيرة من المصادقة عليه نهائيا، بإحداث مكاتب المساعدة الاجتماعية كسابقة في مجال تقديم الخدمات من طرف العدالة، حيث تنص المادة 50 منه على أن المساعدين الاجتماعيين المنتمين لهيئة كتابة الضبط بمكاتب المساعدة الاجتماعية بكل من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، يمارسون بتكليف من الجهات القضائية المختصة المهام التالية:
– القيام بالاستقبال والاستماع والتوجيه ومواكبة الفئات الخاص،
– إجراء الأخباث الاجتماعية،
– ممارسة الوساطة أو الصلح في النزاعات المعروضة على القضاء،
– القيام بزيارات تفقدية لأماكن الإيداع وأماكن الإيواء،
– تتبع تنفيذ العقوبات والتدابير القضائية،
– تتبع وضعية ضحايا الجرائم، تتبع النساء ضحايا العنف.
وكلها مهام جسيمة تتطلب المهنية والاحترافية والتكوين اللازم مع ضرورة التنسيق مع جميع الفاعلين المؤسساتيين وجمعيات المجتمع المدني.
ولتحقيق ذلك، قمنا مؤخرا بتوظيف 100 مساعد ومساعدة اجتماعيين، انضافوا إلى 312 مساعد ومساعدة، حرصنا في هذه العملية على التمثيلية المجالية حيث تم تنظيم المباراة على الصعيد الجهوي وتم اشتراط إتقان اللغة الأمازيغية حسب كل منطقة (تاريفيت، تشلحيث، الحسانية، ….).
وقبل الشروع في مهامهم في المحاكم، حرصنا على توفير تكوين شامل يدمج بين النظري والعملي حيث سيخضعون لتداريب لمدة ثلاثة أشهر من تأطير خبراء ومتمرسين تتخلله تداريب ميدانية داخل المحاكم.
ولجعل الخدمات الموجهة للنساء أكثر قربا وتلبية للحاجات وحتى تغدو محاربة العنف أولوية وغاية تتحقق على امتداد التراب الوطني، وألا تكون ممركزة فقط في المركز، عملنا على إحداث أزيد من 33 محكمة قرب خاصة بالمناطق القروية والجبلية لدعم ولوج المرأة، هذا إضافة إلى التغطية الشمولية لجميع جهات المملكة ب 85 محكمة ابتدائية و23 محكمة استئناف.
وكما تتبعتم معنا يوم الخميس الماضي 26 ماي 2022، وعلى إثر تنظيمنا بشراكة مع مجلس المستشارين لمائدة مستديرة حول موضوع ” “المرأة من موضوع في منظومة العدالة إلى فاعلة في التغيير والتطوير”، أطلقنا منصة للتشاور الوطني (femme.justice.gov.ma) وذلك لتمكين جميع الفاعلين من قطاعات حكومية ومؤسسات وطنية وقطاع خاص وجمعيات ومراكز بحث ومواطنين من إبداء الرأي وتقديم مقترحات بخصوص وضعية ولوج المرأة للعدالة بالمغرب وخصصنا محورا خاصا للتشريعات الوطنية وآخر لمنظومة التكفل بالنساء ضحايا العنف. وهذا نموذج من مبادرات الوزارة الهادفة إلى تحديث القطاع ورقمنة الخدمات.
وكما أعلننا عن ذلك، قمنا كذلك بإحداث مرصد العدالة المستجيبة للنوع الاجتماعي، أوكلنا له عدة مهام من بينها تأهيل الخدمة الاجتماعية الكفيلة بتيسير ولوج المرأة والطفل والفئات لمنظومة العدالة، دعم ومواكبة خلايا التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف واليقظة التشريعية واقتراح مراجعات تشريعية عند الاقتضاء.
كما أطلقنا مسلسل إدماج مقاربة النوع الاجتماعي من أجل بنيات مؤسساتية عمومية سهلة الولوج للنساء، حيث نعمل حاليا على إحداث حضانات بمقر الوزارة وبالمحاكم إضافة إلى تأهيل الفضاء الأزرق لفائدة الأطفال
وسعيا من وزارة العدل لتدارك مواطن الضعف والقصور المسطري الذي يعوق استكمال الحماية الجنائية للنساء، أورد مشروع قانون المسطرة الجنائية مجموعة من التدابير والإجراءات التي تهدف إلى تيسير التقاضي للضحايا.
حضرات السيدات والسادة
فيما يخص التزامنا الثاني الوارد في إطار إعلان مراكش 2020 لوقف العنف ضد النساء، والمتمثل في الوقاية من زواج القاصر، فإن هذه الظاهرة قد أصبحت تطرح نفسها في الآونة الأخيرة بحدة، وتشغل بال الرأي العام الوطني، من خلال اهتمام الفاعلين الحقوقيين، والفرقاء السياسيين، والمهتمين بالدراسات القانونية والفقهية، وكذا وسائل الأعلام، وتعددت وجهات نظر المؤيدين والمعارضين، ولكل فريق مسوغاته وحججه، وقد ترتب عن هذا الاختلاف تعدد المقاربات التي تناولت الموضوع، بين المقاربة الحقوقية والمقاربة القانونية المحضة والمقاربة الاجتماعية…الخ.
وكما تعلمون، فإنني أولي أهمية قصوى لهذه الآفة التي وللأسف تمس مدننا أكثر منها قرانا. فهي تدمر حياة بناتنا وأولادنا وتنتج إشكالات اجتماعية عويصة مما يجعل ضرورة وضع آليات استباقية للحد من هذه الظاهرة وجعل القضاء عليها نهائيا أولوية وطنية لما لذلك من تداعيات سلبية على جميع المستويات.
وللحد من هذه الظاهرة، عملت على اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات من أجل تفعيل التطبيق الأمثل للمقتضيات التي نصت عليها مدونة الأسرة وتلافي أي التفاف على القانون، ولكي لا يتحول الاستثناء إلى أصل.
غير أنه يبدو أن معالجة هذه الظاهرة تتجاوز المقاربات المستساغة، وتمتد في شموليتها لمساءلتنا عن مدى قدرتنا جميعا، سواء كنا ننتمي إلى السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية أو السلطة القضائية أو نشكل جزءا من هيئات المجتمع المدني بكل مشاربه وتنوعاته، على التوفيق في ابتكار حلول شمولية تتلاءم مع خصوصيات مجتمعنا المغربي بثوابته، وتراعي اختلاف ثقافات ومستوى وعي مواطنيه، ومسار التطور الحقوقي الذي يعرفه، دون أن تغفل هذه الحلول، بطبيعة الحال، التزامات المغرب الناتجة عن مصادقته على مجموعة من الأوفاق الدولية.
كما عملت الوزارة على تطوير منظومة صندوق التكافل العائلي من خلال إدماج الأمهات المهملات، وتوسيع دائرة المستفيدين منه، وتبسيط الإجراءات الخاصة بالاستفادة من التسبيقات المالية للصندوق، وذلك في سياق السياسة المندمجة التي تنهجها الحكومة في المجال الاجتماعي، والعناية الخاصة التي تخصصها لدعم الفئات الهشة والمعوزة.
فالمقاربة هي شمولية وتتطلب تعبئة مجتمعية شاملة وانخراط جماعي، كل من موقعه، حكومة وبرلمانا وقوى فاعلة في المجتمع، من أجل القضاء النهائي على هذه الآفات المجتمعية.
نسأل الله تبارك وتعالى، أن يوفقنا جميعا لاستكمال كل الأوراش المفتوحة لبلوغ الإصلاح المنشود بما يخدم مصلحة البلاد والعباد، وإحقاق العدل والإنصاف لمواطناتنا ومواطنينا، وذلك تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، والله ولي التوفيق.

منشور له صلة

get_attachment_url616-504x300

بلاغ صحفي

إقرأ المزيد
InShot_20241030_142645910

وزير العدل يفتتح أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية تحت شعار “الملكية الفكرية وتحديات الذكاء الاصطناعي

إقرأ المزيد
WhatsApp Image 2024-10-29 at 17.41.32 (1)

وزارة العدل تنظم ورشة للنقاش حول برنامج تنفيذ العقوبات البديلة بالمغرب

إقرأ المزيد