ترأس وزير العدل السيد عبد اللطيف وهبي يومه الأربعاء 22 نوفمبر 2023 وفد المملكة المغربية، بجنيف، بمناسبة فحص التقرير الجامع للتقارير الدورية من التاسع عشر إلى الحادي والعشرين أمام لجنة القضاء على التمييز العنصري.
وأوضح السيد الوزير، في كلمته، أن المملكة قامت بمواصلة إعمال التزاماتها الدولية بمجال حقوق الإنسان عبر إطلاق أوراش إصلاحية استراتيجية، إنطلاقا من تنفيذ مضامين الدستور المغربي لسنة 2011، الذي كرس المزيج المتناغم لروافد الهوية الوطنية مع القيم الكونية. وفي مقدمته حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، وإقرار المساواة بين المواطنين المغاربة والأجانب المقيمين بالمغرب، فضلا عن إحداث مؤسسات وطنية تعنى بحقوق الإنسان والتقنين والحكامة والتنمية، ومنها ما يختص بقضايا التعدد الثقافي واللغوي والتسامح الديني، وبالمساواة والمناصفة وعدم التمييز، إضافة إلى التكريس الدستوري لقواعد التعبير التعددي لتيارات الفكر والرأي.
وأكد السيد الوزير ،في هذا الإطار،على التوجه العام للدولة لضمان حرية المعتقد انطلاقا من قيم التسامح والتعايش والحوار، من خلال الحرية التي يمارس بها المسيحيون شؤونهم الدينية، والتي تشكل نموذجا للتعايش والتسامح، والذي كان محط تقدير خلال زيارات القادة الدينـييـن إلى المغرب، وعلى رأسهم بابا الكنيسة الكاثوليكية، كما تطرق السيد الوزير إلى المكانة الخاصة التي يحظى بها المكون العبري ببلادنا، وتأسيسا على المقتضيات المتصلة بحمايته ، تم بموجب ظهير شريف إحداث المجلس الوطني للطائفة اليهودية المغربية لتدبير شؤون الطائفة والمحافظة على التراث والإشعاع الثقافي والشعائري للديانة اليهودية وقيمها المغربية الأصيلة، وإحداث مؤسسة الديانة اليهودية المغربية، تتولى السهر على النهوض والاعتناء بالتراث اللامادي اليهودي المغربي والمحافظة على تقاليده وصيانة خصوصياته.
وأشار السيد الوزير أن بلادنا أولت عناية خاصة للمبادرات والجهود الدولية المتعلقة بمكافحة التحريض على الكراهية ونبذ العنصرية بكل أشكالها، وإلى مصادقة المملكة المغربية على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وانخراطها في أربعة بروتوكولات اختيارية ملحقة باتفاقيات أخرى أساسية، تتعلق بقضايا الطفولة والتعذيب والحقوق المدنية والسياسية والمرأة، فضلا عن الانضمام إلى العديد من الاتفاقيات لمنظمة العمل الدولية، واتفاقيات اليونسكو لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي.
كما نبه السيد الوزير على قيام المملكة المغربية بعدة إصلاحات تشريعية تروم إلى إرساء نظام قضائي مستقل وفعال، جسده إصدار القوانين التنظيمية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية وتنصيب الهيئات المؤسسية المشرفة على الشأن القضائي، واعتماد مدونة الأخلاقيات القضائية، إضافة إلى ملاءمة النصوص التشريعية مــع الدستور والالتزامات الدوليــة، من خلال إصدار قوانين تتعلق بمكافحة جرائم غسل الأموال والإرهاب، وتنظيم ممارسة مهام الطب الشرعي، والعقوبات البديلة، وتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، علاوة على إعداد مشروعين لمراجعة قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي، ومشاريع لمراجعة قوانين لتأهيل المهن المساعدة للقضاء، وإطلاق ورش مراجعة مدونة الأسرة، بما يمكن من تعزيز حماية الحقوق والحريات للمرأة والرجل تكريسا لمبدأ المساواة وتحقيقا للتوازن والتماسك الأسريين وحماية المصلحة الفضلى للطفل.
وفي ذات السياق أشار السيد الوزير إلى تشجيع اعتماد المملكة المغربية لسياسة ثقافية جديدة ومندمجة تروم تثمين الرصيد الثقافي الوطني المادي واللامادي، وتشجيع الإنتاج الثقافي التعددي، من خلال تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وترسيخ إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية. ويشكل القرار الملكي السامي بإقرار رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمية في المغرب والذي اتخذت الحكومة التدابير اللازمة لتطبيقه، مبادرة نوعية تترجم العناية البالغة التي توليها بلادنا لهذا الورش الوطني.
كما أشار السيد الوزير على اوراش أخرى مفتوحة، وعلى رأسها اعتماد المملكة نظاما شاملا للحماية الاجتماعية لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، إضافة على تعزيز برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الرامية إلى مكافحة الفقر والحد من التفاوتات المجالية والفئوية، وإصلاح المنظومة الصحية لضمان رعاية صحية مستدامة للمواطنين المغاربة والأجانب، إضافة لاعتماد المملكة لرؤية استراتيجية لإصلاح المنظومة الوطنية للتربية والتعليم من أجل مدرسة الجودة والإنصاف لتحقيق أهداف خفض نسبة الهدر المدرسي، وتوفير بيئة مناسبة وشروط ملائمة للمشاركة والنجاح بالمؤسسات التربوية، إضافة لنهج المملكة المغربية، لسياسة وطنية للهجرة واللجوء، من أجل ضمان تمتع المهاجرين واللاجئين بحقوقهم في مجالات التعليم والصحة والشغل والسكن والمساعدة القانونية والاجتماعية والولوج إلى القضاء وباقي الخدمات العمومية.
كما وتضمن خطاب السيد الوزير استعراضا لجهود المملكة لتعزيز مكانة المرأة، وتحقيق المساواة بين الجنسين وحظر كافة أشكال التمييز، من خلال وضع منظومة تشريعات وخطط واستراتيجيات وطنية تستهدف المساواة والمناصفة ومناهضة العنف والتمكين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وضمان مشاركتها في التنمية، وكذلك انتهاج المغرب لسياسة عمومية مندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، تعززت باعتماد قانون إطار لحماية هذه الفئة، ومواصلة تنفيذ العديد من التدابير لضمان تمتعها بحقوقها وفق مبادئ المساواة وعدم التمييز.
وفي ذات السياق صرح السيد الوزير أن المملكة المغربية جعلت من النهوض بثقافة حقوق الإنسان جزء من اهتماماتها وهو ما يؤكده انخراطها في تنفيذ البرنامج العالمي للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان، وإسهامها في اعتماد خطة عربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان، ويأتي ذلك كله ترصيدا لما أنجزته المملكة على مستوى إشاعة قيم المساواة وعدم التمييز ومكافحة خطاب الكراهية والتعددية، التي حرصت على النهوض بها من خلال مراجعة محتوى المناهج والبرامج التعليمية وتطوير مستويات وآليات الرقابة على صعيد منظومة الاتصال السمعي البصري.