
بمناسبة الذكرى المئوية لمهنة التوثيق، نظم المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب بشراكة مع وزارة العدل بمدينة الرباط انطلاقا من اليوم الثلاثاء 13 ماي الجاري فعالية خاصة تحت شعار “قرن من التوثيق” احتفاء بالتطور الذي حققته هذه المهنة منذ تأسيسها بظهير سنة 1925، وصولاً إلى ما هي عليه اليوم من القيام بدور مهم في إرساء دعائم الأمن التعاقدي، وحماية الحقوق، وتعزيز الثقة داخل منظومة العدالة. وذلك بحضور موثقين من دول إفريقية وأجنبية، لتبادل الخبرات والتجارب الفضلى، والارتقاء بمهنة التوثيق وتعزيز مكانتها في المنظومة الاقتصادية وتحسين مناخ الأعمال.
وأكد السيد وزير العدل في مداخلته، على “أن الارتقاء بمهنة التوثيق يعد رهانا أساسيا لضمان استقرار المعاملات وصون الحقوق”، مضيفا أنه “إذا كنا قد نجحنا في إرساء أسس مهنة التوثيق لقرن من الزمن وتمكينها من آليات الاشتغال القانونية والتنظيمية، فإن الرهان اليوم هو الارتقاء بها وتعزيز دورها في استقرار المعاملات وتعزيز جاذبية الاستثمار”.
وصرح السيد الوزير كذلك أن “مهنة التوثيق شكلت عبر تاريخها علامة فارقة في المشهد القانوني المغربي، إذ يعود أول تنظيم قانوني لها إلى سنة 1925، حين صدر الظهير الشريف المنظم لمهنة التوثيق مستلهما من القانون الفرنسي. وبهذا كانت بداية مسار طويل من التراكمات القانونية والمهنية التي جعلت من الموثق، ليس مجرد محرر للعقود، بل ضامنا لاستقرار المعاملات ومساهما في تحقيق الأمن القانوني والتعاقدي”.
كما نوه السيد الوزير أيضا بأهمية التوثيق في النظام العدلي، حيث اعتبر أن الوثيقة الرسمية التي ينتجها الموثق تشكل دليلا كتابيا له حجية قوية في الإثبات، مما يساهم في تقليص المنازعات القضائية ويعزز الثقة في المعاملات. وسجل أن عدد الموثقين عرف تطورا ملحوظا، إذ انتقل من 935 سنة 2011 إلى حوالي 1800 موثق وموثقة موزعين عبر ربوع المملكة.
وشدد على أن “مهنة التوثيق كانت دائما في صلب اهتمام الوزارة، من خلال الانكباب على دراسة كافة المشاكل المرتبطة بممارستها وإيجاد حلول لها وفق مقاربة تشاركية مع ممثلي الهيئة الوطنية للموثقين، قوامها الحوار الجاد والمسؤول، وهدفها الأسمى خدمة المصلحة العامة. كما تم العمل على إعادة النظر في طريقة اشتغال صندوق ضمان الموثقين، باعتباره أداة لتحقيق الأمن التعاقدي ونشر الثقة لدى المواطنين”.
ونبه في حديثه أن الوزارة عملت على إعادة النظر في القانون المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق الصادر سنة 2011، وعملت على إعداد مشروع قانون جديد يروم الارتقاء بالمهنة من خلال مراجعة شروط الولوج وتعزيز التكوين الأساسي والمستمر.
وأضاف في نفس السياق أن وزارة العدل تولي اهتماما بالغا لتخليق مهنة التوثيق، من خلال التعامل بحزم مع السلوكيات الضارة بالحقوق، من خلال تطبيق الجزاءات التأديبية اللازمة وفض النزاعات، منوها كذلك بمجهودات الموثقين الذين أبانوا عن انخراطهم الجاد في عملية تخليق المهنة وحفظ صورتها وسمعتها.
ومن جهته أكد ممثل رئيس الاتحاد الدولي للموثقين، اعتزازه بالمشاركة في هذه المناسبة، مشيرا إلى أن مرور أربعين عاما على انضمام المغرب إلى الاتحاد شكل محطة بارزة في مسار التعاون المهني الدول، باعتباره من الأعضاء الأكثر نشاطا داخل الاتحاد الذي يضم اليوم 92 دولة، منوها بالمجهودات التي بذلها المغرب في تحديث مهنة التوثيق، منذ إصلاح 2009، مما جعله نموذجا يحتذى في الابتكار واستعمال التقنيات الحديثة في المهنة.
وعرف هذا اللقاء، حضور أزيد من 500 مشارك من موثقين مغاربة وأجانب وقضاة ومسؤولين وأساتذة جامعيين، وممثلين عن مؤسسات وطنية ودولية، وسينكب خلاله المشاركون على مدى يومين على مناقشة عدة قضايا رئيسية أهمها الإصلاحات القانونية والابتكارات التكنولوجية المرتبطة بالمهنة، وتحديات الرقمنة والذكاء الاصطناعي في المجال التوثيقي.